وثائق مسربة تكشف تعاون لواء 77 بريطاني مع الاحتلال الصهيوني

 لم تعد الحروب تقتصر فقط على المعارك العسكرية التقليدية، بل أصبحت تشمل أيضًا جبهات غير مرئية تمثل فيها الحرب النفسية والهجمات الإلكترونية أدوات فعالة. في هذا السياق، كشف تسريب لوثائق حساسة من قبل مجموعة "Anonymous for Justice" تفاصيل عن تعاون مشبوه بين الجيش البريطاني، ممثلًا باللواء 77، والقوات الصهيونية في تنفيذ عمليات نفسية عبر الإنترنت. هذه الوثائق التي نشرتها منصة Distributed Denial of Secrets في السابع من أكتوبر الماضي، تكشف عن استراتيجيات متطورة تستخدم في الحرب النفسية، وطرق غير تقليدية تُستخدم لإخفاء الحقيقة وتشويهها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فما هو الدور الذي يلعبه اللواء 77 في هذه العمليات؟ وكيف يتم استخدام هذه التكتيكات على الأرض؟ 

وثائق مسربة تكشف تعاون اللواء 77 البريطاني مع الاحتلال الصهيوني

اللواء 77: القوة العسكرية السرية في عصر المعلومات

اللواء 77 هو وحدة سرية في الجيش البريطاني، متخصصة في تنفيذ عمليات في المجالات غير التقليدية مثل الهجمات الإلكترونية والحروب النفسية. يعتبر هذا اللواء جزءًا من "الجيش الرقمي" البريطاني، الذي يعمل على استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كأدوات رئيسية في النزاعات الحديثة. على الرغم من أن النشاطات الخاصة باللواء 77 كانت عادة محاطة بالسرية، إلا أن الوثائق المسربة كشفت عن حجم التعاون بينه وبين الجيش الصهيوني في مواجهة ما يوصف بـ "الحروب الإعلامية".

استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الحروب النفسية

وفقًا للوثائق، يقوم اللواء 77 بتقديم استراتيجيات وحلول نفسية للجيش الصهيوني تساعد في توجيه دعاية مضللة. هذا يشمل استخدام مقاطع فيديو مزيفة وحسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف التأثير على الرأي العام وطمس الحقائق. وفي حالة الحرب في غزة، كانت هذه الأدوات تُستخدم للدفاع عن العمليات العسكرية الصهيونية، حيث يُجبر الناس على تصديق روايات مزيفة تعزز من موقف الاحتلال.

تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في هذا الصراع الرقمي، حيث تُستخدم بشكل استراتيجي لخلق تأثيرات نفسية على الجمهور المحلي والدولي، وتحويل وجهات النظر أو حتى تحريفها. يشمل ذلك تكتيكات مثل التضليل الإعلامي، نشر أخبار كاذبة، وصناعة روايات مبتورة تبرر الانتهاكات العسكرية.

الهجمات الإلكترونية وتكتيكات الحرب الحديثة

تعتبر الهجمات الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجية الدفاعية والعدوانية للواء 77. في هذا الإطار، يتعاون اللواء مع القوى العسكرية الأخرى لتنفيذ هجمات سيبرانية على الأعداء والمجموعات المعارضة. هذه الهجمات قد تتنوع بين تعطيل أنظمة الاتصالات أو إحداث خلل في البنية التحتية الرقمية للخصوم، مما يؤثر على قدرتهم على التواصل والتنظيم. في بعض الحالات، قد تشمل الهجمات الإلكترونية تسريب معلومات حساسة أو تدميرها، بهدف خلق فوضى وضغط نفسي على العدو.

تسريب الوثائق: عملية اختراق من مجموعة "Anonymous for Justice"

في الـ7 من أكتوبر 2024، قامت مجموعة Anonymous for Justice باختراق المواقع الإلكترونية الخاصة بالجيش الصهيوني وسرقة أكثر من 22 جيجابايت من البيانات الحساسة. تم نشر هذه الوثائق على منصة Distributed Denial of Secrets التي تركز على تسريب البيانات التي تكشف عن الأنشطة العسكرية المشبوهة. الوثائق التي تم تسريبها تتضمن تقارير مفصلة حول التعاون بين اللواء 77 والجيش الصهيوني في مختلف مجالات الحروب النفسية والهجمات الإلكترونية.

تكشف هذه الوثائق عن استراتيجيات معقدة كان يتم تنفيذها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك إطلاق حملات إعلامية منظمة لصد الهجوم على العمليات العسكرية الصهيونية، وخلق واقع موازٍ باستخدام المعلومات المضللة.

رد فعل الحكومة البريطانية على التسريبات

بعد نشر هذه الوثائق، خرج متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية ليؤكد أن مثل هذه المشاركات الدفاعية بين الدول تُعتبر جزءًا من التعاون العسكري الطبيعي بين حلفاء. ومع ذلك، شدد المتحدث على أن الوثائق التي تم تسريبها تعود إلى أعوام سابقة، مشيرًا إلى أن هذه المشاركات لم تُحدث تغيرات في طبيعة التعاون الدفاعي مع الكيان الصهيوني. لكن، الوزارة رفضت التعليق على ما إذا كانت هذه الأنشطة مستمرة أو إذا كانت تشمل حاليًا العمليات النفسية.

من الجدير بالذكر أن الحكومة البريطانية لم تقدم مزيدًا من التفاصيل حول مدى استمرار هذا التعاون أو كونه يشمل استراتيجيات جديدة في حرب المعلومات.

الخاتمة: هل نعيش في عصر جديد من الحروب؟

تطرح التسريبات الأخيرة تساؤلات كبيرة حول المستقبل الأمني والسياسي للحروب في عصر المعلومات. أصبحت الحروب النفسية والهجمات الإلكترونية جزءًا أساسيًا من النزاعات المعاصرة، حيث لا تقتصر الأهداف على الأرض والجنود فحسب، بل تمتد لتشمل عقول الناس وأفكارهم. لقد أظهرت الوثائق المسربة أن الدول المتقدمة، مثل بريطانيا، لا تتوانى عن استخدام هذه الأساليب للتأثير على مجريات الحروب والسيطرة على السرد الإعلامي.

هل نحن أمام عالم جديد من الحروب، حيث لا تكون القوة العسكرية التقليدية هي الوحيدة المؤثرة؟ وهل سيصبح دور المعلومات أكثر أهمية من الأسلحة في الحروب المستقبلية؟

شاركنا رأيك في التعليقات!

علي ماهر
علي ماهر
خبرة 11 عامًا في كتابة المقالات في مجالات متنوعة مثل التقنية، السيارات، الساتلايت. يمكن متابعة مقالاتي والتواصل معي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فيسبوك - X (تويتر سابقًا) - لينكدإن
تعليقات